Wednesday, February 28, 2007

المبادرة المصرية للعفو والإصلاح - مبادرة الإخلاص-


بسم الله الرحمن الرحيم

تتحدث هذه المبادرة باسم الأغلبية المصرية الصامتة التى تمثل المصدر الوحيد المانح للشرعية والسلطات بالمجتمع وتعبر عن إرادتها .
فنحن من يعانى القهر والفقر والنحر فى البر والبحر وهو ما يجعلنا الأخلص فى طلب الإصلاح والأحرص على استقرار الوطن , وما كان اختيارنا لسياسة المقاطعة والصمت فيما مضى إلا عن حكمة وصبر ورباط , وما خروجنا عنها اليوم إلا من نفس الحكمة وتماما للصبر وحرصا على ذات الرباط .
وتمثل هذه المبادرة اتجاه الإرادة الجمعية للأمة التى تعبر عنها من خلال صيغة لعقد اجتماعي مقترح , قد يقبل بما لا يقبله بعضنا ويرفض ما لا يقبل برفضه بعضنا ,إلا أنه فى النهاية يمثل المحصلة المنطقية لمجموع إراداتنا والتى يجب علينا جميعا أن نلتزم بها إن كنا مخلصين فى طلب الإصلاح وحريصين على استنهاض مصر .
لذلك فعلى شعب مصر بكل فئاته وطوائفه وبؤر التفاعل السياسي والاجتماعي والإعلامي فيه أن يثبت لهذه المبادرة ما تمثله بالاصطفاف خلفها وتأييدها بالرأي لتكون لها القدرة على فرض نفسها كصيغة جديدة للحكم .
ويخرج هذا العقد الاجتماعي المقترح كنتيجة لمجموعة من القناعات من أهمها :

عن اللحظة الراهنة :
أن هذا الشعب بمقدراته وقدراته وحكمته وعلى الرغم من معاناته يمتلك الجاهزية اللازمة للنهوض بوطنه ووضعه فى المكانة التى يستحقها , وأننا نعيش لحظة فارقة بين تاريخ وتاريخ , فما هو آت أيا ما كان إنما يمثل نتيجة تفاعلنا مع هذه اللحظة الفارقة فى تاريخ مصر , كذلك فلا يمكننا تجاهل هذه اللحظة وتفويتها لأن عواقب استمرار الحال على ما هو عليه أقسى وأفدح من عواقب المحاولة و الفشل .

عن الهدف :
أن إخلاصنا لله وللوطن ولمصالحنا كأفراد يوجب علينا اختبار قابلية البديل الأفضل للحل أولا وليس اعتماد البديل الذى يتناسب مع أهوائنا وثاراتنا ,والبديل الأفضل هو طلب الإصلاح بحقه قبل طلب التغيير وذلك بإيجاد صيغة لعقد اجتماعي جديد يعبر عن إرادة الأغلبية المصرية الصامتة ويحظى بتأييدها ليكون قادرا على فرض نفسه كمنهج للحكم ,وليس تفكيك هذه الأغلبية واستقطابها خلف الرؤى والمذاهب السياسية والدينية ليحكمنا الأكبر منهم وفق سياسته .

عن المعارضة المصرية :
أن المعارضة المصرية على اختلاف ألوانها أخطأت فى حق هذا الشعب خطأ يقترب من خطأ النظام , لأنها ورغبة منها فى تجاوز اختلاف فرقائها وتناحرهم وسعيا خلف مصالحها اختزلت المشكلة وحلها من كونها مشكلة نظام حكم يجب علينا الاتفاق عليه أولا إلى كونها مشكلة نظام حاكم يجب علينا إسقاطه أولا .

عن النظام الحاكم :
أننا فى نظرتنا للنظام الحاكم وفى تعاملنا معه نفرق بين مقام رئيس الجمهورية وبين كافة المستويات الأدنى منه , أما المستويات الأدنى فى النظام الحاكم فنحن نتهم أغلبها بالتسبب فى تبديد مقدرات مصر وتقزيم دورها الإقليمي والدولي عن فساد وخيانة , وذلك بإقامة شبكات مصالح تجمع الفاسدين منهم وتحميهم وتدعمهم وتقف كسد منيع بين الشعب ومؤسسة الرئاسة .
أما السيد رئيس الجمهورية فنحن ندين له بالولاء الكامل ولا نسعى لخلعه ولا نساعد من يسعى لذلك ولا نقره ونرفض التطاول عليه بأي شكل كان .
إلا أننا نحمله مسئولية ما وصل إليه حالنا بحكم ما له من سلطات وصلاحيات , تماما كما نحملها لأنفسنا كشعب لأننا لم نضطلع بمسئوليتنا فى التعبير عن إرادتنا والاتفاق على صيغة للحكم نطالب بها قيادتنا ونقيم بها الحجة ,وكما نحملها للمعارضة لتبنيها سياسات غير رشيدة عزلتها عن المجتمع وأضرت بالشعب ومقام الرئاسة وكرست سلطات شبكات الفساد .
- يبقى الفيصل بيننا وبين النظام الحاكم هو موقفه من صيغة الحكم التى توحد خلفها شعبه ,فان قبلها –وهو ظننا به– فقد حققنا الهدف بأقصر الطرق وأسلمها ,وان رفضها فقد حكم على نفسه بالسقوط الحتمي لأن الأرض لم تشهد عبر تاريخها نظاما استطاع أن يصمد فى وجه شعبه إذا ما توحدت إرادته .

وتأسيسا على ما سبق
وبالبحث المخلص المعتمد على حسابات العقل المجردة فان إرادتنا تتجه وبإيمان عميق يضرب بجذوره فى كل شبر من أرض مصر إلى تطبيق الشريعة الإسلامية كمنهج حكم وحياة , وننزهها ونتبرأ من كل الفرق والجماعات الإسلامية الضالة المتأرجحة بين تطرف السفاحين وأطماع المسيسين وتفريط المتنطعين وشرك الوثنيين .
وما كان الإحجام عن إعلان هذه الإرادة فيما سبق إلا خوفا من أن يؤول الأمر لأحد هؤلاء إذا ما نودي بالإسلام فننتقل بذلك إلى زمن نتحسر فيه على زماننا هذا رغم مآسينا فيه.
لهذا ,وكشفا لمواقف هؤلاء كضالين مضلين ,وطاعة لأوامر الله رب العالمين , وتنفيذا لإرادتنا وسعيا لتحقيق مصالحنا كأمة فان إرادتنا تتجه إلى صيغة وحيدة تمثل طريقا وحيدا للخلاص وهي :


( تحقيق المستوى الأساسي لتطبيق الشريعة بتفعيل الحد الأقصى للاجماع ).
والمستوى الأساسي لتطبيق الشريعة هو الحد الأدنى من الأحكام والأوامر الشرعية الأساسية التى لا يستقيم التطبيق إلا بها , وغياب أي منها كفيل بنزع الصفة الإسلامية عن النظام , فهي تمثل العامود الفقري لنظام الحكم الإسلامي الذى لا يمكنه النهوض بدونه وتعبر عنها الآيات المحكمات بالكتاب .

أما الحد الأقصى للإجماع فهو مجموعة الأحكام والأوامر الشرعية الأساسية التى لا يمكننا الاختلاف على وجوب إتباعها والالتزام بها وذلك لوضوحها الشديد وتماشيها مع فطرتنا الإنسانية ونتعارف على تسميتها بالثوابت .

والمستوى الأساسي لتطبيق الشريعة هو ذاته الحد الأقصى للإجماع وذلك من فضل الله على عباده المخلصين , لنكون قادرين بشكل دائم على تصحيح المسار إن ضللنا وتفرقنا , ويكون الطريق أمامنا واضحا منيرا وكل ما علينا هو أن نضع أقدامنا فى أي نقطة منه بحسب استطاعتنا , المهم هو أن نكون على ذلك الطريق وإلا هلكنا.وفى ذلك إقامة للحجة علينا لأن القدرة هى مناط التكليف وقدرتنا الدائمة على العودة لذلك الطريق الواضح هى محور اختبارنا على الأرض ولولاها ما كان حساب ولا ثواب أو عقاب .

والآيات المحكمات التى تعبر عن المستوى الأساسي لتطبيق الشريعة وتمثل حجة الرب على العباد وعصمته لهم هى الآيات البينات الواضحات الدلالة التى لا التباس فيها على أحد , وتمثل أصل الكتاب والشريعة الذى يرجع إليه عند الاشتباه والاختلاف فيحكم على ما دونه , فهى كل ما يؤمن به ويعمل به من أحكام وفرائض , وهى دائما قائمة بذاتها لا تحتاج إلى الرجوع لغيرها لفهمها .
ولهذه الطبيعة الخاصة للآيات المحكمات كانت هى الفيصل بين الإيمان والكفر وباب الدخول إلى الدين أو الخروج منه .
ومن أهم المكاسب المحققة حتميا كنتيجة لاعتماد هذه الصيغة كنظام للحكم :

أنها تعصمنا كمجتمع يتكون نسيجه من عنصرين أساسيين هما المسلمين والمسيحيين من الفتن الطائفية بفرضها المواطنة كأساس تقوم عليه الحقوق والواجبات , والقدرة والإنجاز كمعيار للتفاضل بين أفراد المجتمع وتبقى العقائد والتقوى كمعيار للتفاضل أمام الله لا على الأرض .

أنها تفرض علينا اعتماد العفو العام كمبدأ يجب أن يحكم عملية الانتقال إليها لما يحققه من مصالح لا تدرك إلا به ويحفظ الكثير من قوتنا ويعجل بتطبيق إرادتنا .

أنها تنفى عن الجماعات والفرق الإسلامية التى قامت بدعوى المطالبة بتحكيم الشريعة سبب وجودها من الأصل بعد أن حكمت الشريعة وهو ما يؤدى بالضرورة إلى تفكيكها وذوبانها فى المجتمع وكشف مواقف المغرضين فيها .

أنها تكفل لنا كشعب أعلى مستوى ممكن من الحريات العامة والخاصة فيما لا يتعدى دماء وأعراض وأموال الآخرين ،وتشترط تحقيق العدل والكفاية بالمجتمع قبل تطبيق العقوبات علي أهله .

أنها تمثل مشروعا قوميا مستمرا وقادرا على استنهاضنا من خلال مخاطبته لدوافعنا الإيمانية القادرة دون غيرها على استنفار طاقاتنا وإبداعاتنا لتحقيق أعلى معدلات النمو الممكنة .

أنها تدخل بنا فى جوار الله رب العالمين وولايته فيرزقنا وينصرنا ويحفظنا ويرفعنا ويمكن لنا فلا نغلب , وتفتح لنا كمجتمع بابا إلى الجنة يمثل الغاية الكبرى لنا كمؤمنين بالله والبعث والحساب والحياة الآخرة .

والسلام على من اتبع الهدى .
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله و صحبه
.