إلى كل إخواني مخلص لله لا للجماعة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين سيدنا محمد ولى آله وصحبه ।
إلى كل إخواني مخلص لله لا للجماعة
بداية وقبل أن يستفزك العنوان فتضعنى فى خانة لا أنتمى إليها علينا أن نحدد بعض المسلمات التى تؤمن بها وأؤمن بها لتتبين لك من خلالها مرجعية محدثك .
- فكلانا يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وكلانا يعشق هذا البلد عشقه للأمانة التى وهبه الله إياها واستحفظه عليها ليرى كيف يفعل بها , وكلانا يموت حزنا وكمدا على ما أصاب أهل هذا البلد من فقر وقهر وظلم وعلى أتم استعداد لبذل المال والنفس والولد لإصلاح شأنه وحمايته من كيد أعدائه وتخاذل أبنائه , وكلانا يؤمن بحتمية الحل الإسلامي وبأن أي محاولة إصلاحية على أسس غير إسلامية لن تكون إلا مرحلة جديدة من الضياع والتخبط والخذلان .
واتفاقنا على مثل هذه المسلمات ووفق أي تصنيف ديني أو سياسي أو حتى إنساني لابد وان يجعلنا فى جبهة واحدة , عدونا واحد وصديقنا واحد وهدفنا واحد وقيادتنا واحدة , إلا أننا لسنا كذلك وأنت السبب فى ذلك .
وقبل أن أسهب فى حديثى أذكرك بان الحكمة هى ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها , وأن كل إنسان مهما علا شأنه يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولأنك بشر مثلى ولان قياداتك بشر أمثالنا فاحتمال الخطأ وارد فى توجهاتها وقراراتها وأفكارها .
لذلك فان انتقدت الإخوان فكرا أو عملا أو من حيث شرعية الوجود أصلا ودعمت نقدى بثوابت الكتاب والسنة دون مواربة أو هوى فقد أقمت عليك الحجة وألزمتك أمام الله وأمام نفسك المؤمنة بإتباع الحق الذى عرفته بالحجة , وذلك لأنك مؤمن وليس للمؤمن أن يختار بعد أمر الله ورسوله ।
وحديثى هذا إليك من باب التواصى بالحق الذى أمر به الله تعالى عباده المؤمنين ليظلوا متآلفين متوحدين .
والحق حق الله فى حاكمية دينه على أرضه وبين خلقه , الحق حق الأمة فى السيادة على نفسها وإنفاذ إرادتها , الحق حق الناس فى التخلص من سلطان الفقر والقهر واستعادة ما كفله الله لهم من حقوق لا تستقيم حياتهم إلا بها .
فاسمع يا أخى من عبد فقير ورجل من عموم المسلمين لا يريد إلا الخير لك ولوطنه ولأمته ولنفسه فى الدنيا والآخرة فإنى محدثك حديث عظيم , إن استجبت له فقد غيرنا سويا وجه مصر والأرض من حولها بفضل الله ومنته وتصديقا لسننه ويقينا بنصره لعباده المؤمنين , وان أعرضت عنه بعد أن تبين لك الحق وأقيمت عليك الحجة فأنت أعلم بعاقبة أمرك فتربص حتى يأتي الله بأمره , وذلك لان الحق واحد لا يتعدد كما يتعدد الباطل واضح وضوح الشمس التى لا ينكرها إلا من أعمى الله بصره أو تكبر عن الخضوع للحق .
أما ما أتهمك به وأقدم له بكل ما سبق من مقدمات فهو انك وجماعتك أهل باطل ولستم على الحق فى شيء , ولم ولن تكونوا حلا لمشكلة مصر أو الأمة , ولستم جماعة الحق التى وعدها الله بالنصر والتمكين والاستخلاف فى الأرض , فما انتم إلا فرقة من فرق الباطل الهالكة وان ألبست ثوب الإسلام , بل انتم سبب نفور الناس من الإسلام واصل خوفهم من الاحتكام لشريعته ويشترك معكم فى ذلك كل الفرق الإسلامية التى تبغضونها وتبغضكم وتنكرونها وتنكركم , فانتم أصل الداء وفيكم إن شئتم الدواء .
كان هذا هو اتهامي لجماعة الإخوان وعلى الآن أن أثبته , وأسألك أن توفر سبى ولعنى إلى نهاية الرسالة فربما وجدتنى مصيبا وبدا لك منى من العلم ما لم تكن تعلمه فتحمد الله وتدعو لى .
وقبل أن اشرع فى حديثى وللإيضاح , فاعلم أنني لا انتقد الإخوان من حيث الأفعال والمواقف والتوجهات كما يفعل الكثيرون , وان كان فى أفعالكم ومواقفكم وتوجهاتكم ما يستحق النقد .
كذلك فإني لا أفتش فى صفحات الإخوان السوداء وتاريخهم المليء بالخطايا كما يفعل البعض وان كنت اعلم بوجود مثل هذه الصفحات والخطايا .
وإنما ينصب حديثى على شرعية وجود الإخوان من الأصل , فان كان وجودكم غير شرعي –وهو ما أقوم بإثباته- فان كل ما ينتج عنه من أفعال ومواقف يكون فاسدا بالتبعية حتى ولو كانت مواقف سليمة شرعا , وذلك لان الغاية لا تبرر الوسيلة فى شرع المسلمين .
ولكن ما الذى يجعل وجود الإخوان كجماعة غير شرعي ويبطل أعمالهم وينزع منها البركة ويحرمهم من التمكين الذى وعد الله به عباده المؤمنين بعد أن تجاوز عمر دعوتهم السبعين عاما ؟!
انه إصرارهم على مفارقة الحق الذى لا ينكره إلا كل جاحد مستكبر , وهو أن توحيد الخالق عز وجل وإفراده بالعبادة يستوجب بالضرورة توحيد جماعة المسلمين الموحدين , وذلك لان الإله الذى وحدوه أعطى الموحدين أوامر ثابتة ونهاهم عن أمور بعينها فوضع بذلك منهجا شاملا كاملا واضحا لا يختلف المؤمنون المخلصون لله ورسوله على ذرة من مكوناته .
ولكن واقع الحال الذى نحياه يثبت وجود عشرات الفرق المتنافرة المتناحرة الموصوفة زورا بالإسلامية والتى يكيد بعضها لبعض ويلعن بعضها بعضا ويدعى كل منهم انه الممثل الوحيد لشرع الله والمدافع الأول عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وان ماعداه باطلا بالكلية , وهكذا تفعلون أيضا .
وهكذا تجزأ الدين وتفرق بينكم وبين غيركم من الفرق , فرأيتم أن طريق الإصلاح يأتى من قمة الهرم فأخذتم من الدين ما يتعلق بالحكم والسياسة ودخلتم إلى اللعبة السياسية طامحين إلى تغيير قواعدها والفوز فيها , فإذا بها هي التى تغير قواعدكم الشرعية وتجبركم على تقديم التنازل تلو التنازل , ورغم ذلك لم يقبلكم باقى اللاعبين ولا جمهور المتفرجين !
ورأى غيركم أن التمكين لن يكون إلا إذا بلغنا درجة الصحابة والسلف من البر والتقوى , فأغلقوا عليهم أبواب صوامعهم وتنافسوا فى قصر الثوب وطول اللحية وتعاملوا مع الناس بتعال وتكبر على اعتبار أنهم هم الصديقون وما سواهم رعاع منافقون !
ورأى آخرون أن طريق الإصلاح والتمكين لشرع الله لن يكون إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ أفراد المجتمع بأوامر الدين ونواهيه على الرغم من جهلهم أو قلة علمهم فابتدعوا البدع فضلوا وأضلوا !
ورأى غيرهم كفر المجتمع حكاما ومحكومين فهجره أو قاتله , ورأى غيركم وغيرهم ما رأى وجعل من رؤيته نموذجا لصحيح الدين والواجب المرحلي الذى يجب على كل مسلم أن يلتزم به , وهكذا تعددت الفرق بتعدد الرؤى وسعى كل منهم إلى إظهار منهجه على باقى المناهج واستقطاب العدد الأكبر من المريدين والأتباع وهو ما أدى إلى زيادة فرقتهم وخلافاتهم واتهاماتهم لبعضهم البعض , حتى صارت هذه الفرق والجماعات هى السد المنيع والحاجز الأكبر بين المسلمين والإسلام , فقد نفروا الناس من الدين بخلافاتهم وبدعهم وعبادتهم لأئمتهم ومذاهبهم .
فالله أسألكم ... ماذا يفعل رجل من عوام المسلمين يحب الله ورسوله وينفطر قلبه حزنا وألما على حال المسلمين ولا يرى له هدفا فى الحياة سوى تحكيم شريعة الله فى أرضه , إلى أي جماعة ينضم ومع من من الإسلاميين المتعددين المتعادين يعمل ؟!!
فمع من منكم الحق الذى يرضاه الله ورسوله يا من تدعون أنكم أنصار الله ورسوله ؟
وبطبيعة الحال سيقول الإخوان أن الحق معهم وسيقول غيرهم نفس مقولتهم وذلك على الرغم من أن الحق واحد لا يتعدد كما يتعدد الباطل وذلك لأنه يمثل السبيل الوحيد لرب العالمين , يقول تعالى : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ). الأنعام 153ويروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم خط خطا على الأرض ثم قال : ( هذا سبيل الله ) ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره ثم قال : ( هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ) رواه أحمد .ولأن الحق واحد لا يتعدد فمن البديهي أن يكون أتباعه موحدين فى جماعة واحدة بحكم ولائهم للحق الواحد , ولأن الباطل متعدد فمن البديهي أن يكون أتباعه متفرقين فى جماعات مختلفة بحكم ولاءاتهم المتعددة .
لذلك كان اختلاف أهل الحق المكلفين بحمله والتوحد فى سبيله وتفرقهم فى جماعات ومذاهب مؤذنا بوقوع الفتنة وخروجهم جميعا من تحت لواء الحق وإضافتهم كجبهات جديدة للباطل , وهو ما يعنى تعطيل فاعلية الضمان الإلهي الممنوح لهم بالنصر والتمكين والاستخلاف فى الأرض لافتقادهم أهم شروطه وهو إقامة جماعتهم الواحدة الموحدة .
وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذى قال عن أمثالكم وعنكم من المتفرقين فى الدين المتبعين لأهوائهم :(َ افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ الْجَمَاعَةُ ) ابن ماجة وأبو داوود و الترمذي .
واعلم أن هناك من شيوخكم العظام (عندكم فحسب) من يضعف هذا الحديث ويقول بجرأة لا يحسد عليها انه غير مقتنع به , فهل يقنعه ويقنعكم كلام الله عز وجل؟!!
يقول رب العزة فإذا قال رب العالمين : (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ، وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ، فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ ) الشورى 13-15
ولو لم يكن هناك بالكتاب والسنة غير هذه الآيات لكانت هي الكافية الجامعة القاطعة , فمنها يثبت أن دين الرسل جميعا واحد , حيث بدأ الله تعالى بأول الرسل وهو نوح ثم محمد صلى الله عليه وسلم وهو آخر الرسل ، ثم مر بمن بينهما من رسل وهم إبراهيم وموسى وعيسى , فما هو الذي شرعه لنا رب العالمين من عهد نوح عليه السلام إلى عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؟
ويأتي جواب ربنا (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيه ) وهذا أمر الله لنا ولمن سبقنا من الأمم , أن نقيم الدين في حياتنا بتنفيذ أحكامه وألا نتفرق فيه , وفي ذلك أمر بالجماعة و الائتلاف ونهي عن الفرقة والاختلاف , ثم يبين رب العالمين لنا من من الناس يصعب عليه الانصياع لهذا الأمر أو التشريع بقوله تعالى : (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْه ) , وفي هذا خطر عظيم على أتباع تلك الجماعات , ثم يخبرنا أنه تعالى يجتبي إليه من يشاء أي يختار , فالاجتباء اختيار , ولكنه يهدي إليه من ينيب أي من أراد الهداية , الذي يعود إلى الله إذا أخطأ , ويتبع الحق حيثما وجده وليس أسيرا لفكر أو مذهب أو إمام إن هلك أهلكه معه , ثم يخبرنا رب العالمين أن الذين تفرقوا ما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم , وما كانت تلك الفرقة والاختلاف إلا بغيا بينهم , أي أنها ليست من العلم الذي جاءهم , ثم يخبرنا انه لولا أننا في اختبار له مدة لا يعلمها إلا الله يبعثنا بعدها ليحاسبنا على ما فعلنا في حياتنا الدنيا لقضي بين هؤلاء المتفرقين المختلفين .
ثم يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه أن يدعو لذلك الأمر وهو إقامة الدين وعدم التفرق فيه وأن يستقيم كما أمر ولا يتبع أهواءهم , , فهذا هو الأصل والرسالة والدين الذي شرعه الله للناس على مر العصور , هذا هو واجب الإنسان على وجه الأرض و أساس حسابه يوم القيامة إقامة الدين وعدم التفرق فيه .
ويقول رب العزة (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) الروم 31-32
والآية خطيرة وتضع حكما مرعبا للذين فرقوا دينهم وكانوا جماعات أو أحزابا , كل منها يظن أنه على الحق ويفرح بما عنده و ينكر ما عند الآخرين ولو كان من الدين .
فإن قلت لي لا تكن من الأغبياء الذين يفعلون كذا , فإن أنا فعلت ذلك الفعل الذي نهيتني عنه أكن من الأغبياء , فإن قلت لي مثلا لا تكن من المقصرين الذين ينامون عن صلاة الفجر ثم نمت عنها فأنا ولابد من المقصرين .
ولله المثل الأعلى , فقد نهانا أن نكون من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا وعلى ذلك فإن من يفعل منا ذلك أي يتفرق في الدين ويتشيع ويختلف صار من المشركين .
ويقول الله عز وجل : ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُون ، فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) المؤمنون ( 52- 53 )
فنفهم من الآية أن أمتنا أي امة التوحيد هي أمة واحدة , لها مواصفات ثابتة حددها رب العالمين , ولكنهم تفرقوا وقطعوا أمرهم ودينهم بينهم إلى ملل و مناهج هي في الأصل من الدين , وفرح كل منهم بما لديه وما هو عليه .
وقوله تعالى : (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) آل عمران 105
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) الأنعام 109
وقد روي أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن الذين فرقوا دينهم هم أهل البدع والشبهات وأهل الضلالة من هذه الأمة , وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ الآية هكذا ( إن الذين فارقوا دينهم ) , وكان على كرم الله وجهه يقول: والله ما فرقوه ولكن فارقوه يقصد الدين .
أبعد كل هذه الآيات الواضحة المخيفة يبقى لك كأحد أتباع تلك الجماعات أي مبرر أو عذر للبقاء على حالهم , ربما كان منهم من لا يقتنع إلا إذا قلت له مقولة لأحد كبار شيوخ الإسلام عبر عصوره تؤيد بها رأيك وان كنت قد دعمته بثوابت الكتاب والسنة ولا حول ولا قوة إلا بالله , ولهذا نذكر جزءا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عله يحمل الشفاء .
فيقول ابن تيمية : ( واعلم أن أكثر الاختلاف بين الأمة الذي يورث الأهواء تجده من هذا الضرب , وهو أن يكون كل واحد من المختلفين مصيبا فيما يثبته أو في بعضه مخطئا في نفي ما عليه الآخر .
فإن أكثر الجهل إنما يقع في النفي الذي هو الجحود والتكذيب لا في الإثبات , لأن إحاطة الإنسان بما يثبته أيسر من إحاطتة بما ينفيه .
فباب الفساد الذي وقع في هذه الأمة هو التفرق والاختلاف , وبلاد الشرق من أسباب تسليط الله التتر عليها كثرة التفرق والفتن بينهم في المذاهب وغيرها حتى تجد المنتسب إلى الشافعي يتعصب لمذهبه على مذهب أبي حنيفة حتى يخرج عن الدين والمنتسب إلى أبي حنيفة يتعصب لمذهبه على مذهب الشافعي وغيره حتى يخرج من الدين , والمنتسب إلى احمد يتعصب لمذهبه على مذهب هذا أو هذا , وكل هذا من التفرق والاختلاف الذي نهي الله ورسوله عنه , وكل هؤلاء المتعصبين بالباطل المتبعين الظن وما تهوى الأنفس , المتبعين لأهوائهم بغير هدي من الله مستحقون للذم والعقاب .
فإن الاعتصام بالجماعة والائتلاف من أصول الدين , والفرع المتنازع فيه من الفروع الخفية فكيف يقدح في الأصل بحفظ الفرع ؟!) .
وبعد هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والكلام الثمين لشيخ الإسلام ابن تيمية لا يسعنى إلا أن أذكرك ان كنت لا زلت ترى فى جماعتك الأفضلية , بأنه يسوغ ترك الأفضل لتأليف القلوب , مثلما ترك النبي صلى الله عليه وسلم إعادة بناء البيت الحرام على قواعد إبراهيم عليه السلام لأن أهل قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية وخشي تنفيرهم بذلك , ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم عليه السلام .
ألا هل بلغت , اللهم فاشهد
والسلام على من اتبع الهدى
2 Comments:
اخي في الله انشر فكرتك واخلص النيه لله و ادعوا الى الله بلباقتك وحسن بيانك دون تجريح أو انتقاد لأحد أيا كان فما تلك كانت سير أسلافنا من اصحاب الهمم العالية و ما بتلك الكلمات تبنى الأمم . وأعلم ان البناء أعمل للعقل وأرضى للرب و أن الهدم فعل أصحاب الاذهان الديقة . و ما نحن أحوج من هذه الأيام من كلمة تقرب ـ كما تفضلت ـ ما تشتت منا
الاحظ أخي الفضل بأن الفرقة والإختلاف المكروهين هما الفرقة والإختلاف في الدين. فالله سبحانه وتعالى واحد أحد ودينه واحد. فما هو الدين؟ وهل الدين يشمل الدنيا؟ والناس كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام أعلم بأمور دنياهم. ومن هذا القول نعلم أن هناك أمور دنيا يختلف الناس حولها ويتحاورا بغية ترجيح رأي على رأي وهناك أمور الدين التي يجب ألا يتفرقوا فيها. وقال الله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم" فهل اكتملت أيضا الدنيا؟ من المؤكد أخي الفاضل أنك تتفق معي أن الدنيا لم تكتمل بعد وأنها تأتي كل يوم بعلم جديد وحقائق حديدة وتتشكل وتتبدل وتتغير وعلى النقيض من ذلك فإن الدين ثابت لا يتغير منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها.
Post a Comment
Subscribe to Post Comments [Atom]
<< Home